أسلوب السوق قراءة نبض الواقع العقاري

عندما تسأل أي شخص عن قيمة منزل ما، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو: “بكم بيعت المنازل المشابهة في هذا الحي؟”. هذا التساؤل البديهي هو جوهر “أسلوب السوق” (Market Approach)، أو كما يُعرف بـ**”أسلوب مقارنة المبيعات” (Sales Comparison Approach)**. إنه الأسلوب الأكثر استخداماً وموثوقية في تقييم العقارات السكنية، لأنه يعكس بشكل مباشر سلوك المشترين والبائعين في السوق الحقيقي.

ما هو جوهر أسلوب السوق؟

يعتمد هذا الأسلوب على مبدأ الاستبدال، الذي ينص على أن قيمة عقار معين تتحدد بسعر العقارات المماثلة له التي تم بيعها مؤخراً في السوق. بمعنى آخر، يتم استنتاج قيمة العقار “الموضوع” (Subject Property) من خلال تحليل أسعار العقارات “المقارنة” (Comparable Properties أو Comps).

خطوات تطبيق أسلوب السوق:

يتطلب تطبيق هذا الأسلوب بحثاً دقيقاً وقدرة على التحليل المنطقي لإجراء مقارنات عادلة.

  1. البحث عن مبيعات مقارنة: يقوم المقيم بالبحث في قواعد البيانات والسجلات الرسمية عن عقارات مشابهة للعقار المراد تقييمه، تم بيعها مؤخراً (عادة خلال الـ 6 أشهر الماضية) وفي نفس المنطقة أو منطقة مشابهة لها. يجب أن تكون هذه الصفقات “حية” تمت بين طرفين لا تربطهما علاقة خاصة وبشروط سوق طبيعية.
  2. تحديد عناصر المقارنة الرئيسية: يتم تحليل كل عقار مقارن ومقارنته بالعقار الموضوع بناءً على مجموعة من العوامل التي تؤثر على القيمة، وأهمها:
    • الموقع: الحي، الإطلالة، القرب من الخدمات.
    • الخصائص المادية: مساحة الأرض، مساحة البناء، عدد غرف النوم والحمامات، عمر المبنى، جودة التشطيبات.
    • الميزات الإضافية: وجود مسبح، حديقة، مواقف سيارات، ملحق خارجي.
    • شروط الصفقة: تاريخ البيع، وظروف السوق في ذلك الوقت.
  3. إجراء التعديلات (Adjustments): هذه هي أهم وأدق خطوة. من النادر إيجاد عقار مقارن مطابق 100% للعقار الموضوع. لذلك، يقوم المقيم بإجراء “تعديلات” على سعر بيع كل عقار مقارن لتعويض الفروقات. القاعدة بسيطة:
    • إذا كان العقار المقارن أفضل من العقار الموضوع في ميزة معينة (مثل وجود مسبح)، يتم طرح قيمة هذه الميزة من سعر بيع العقار المقارن.
    • إذا كان العقار المقارن أسوأ من العقار الموضوع (مثل مساحة أصغر)، يتم إضافة قيمة هذا الفرق إلى سعر بيع العقار المقارن. الهدف هو جعل سعر كل عقار مقارن يعكس ما كان سيساويه لو كان مطابقاً تماماً للعقار الموضوع.
  4. التسوية والوصول إلى القيمة النهائية: بعد تعديل أسعار جميع العقارات المقارنة، سيحصل المقيم على نطاق من القيم المعدلة. يقوم بعد ذلك بتحليل هذه النتائج، مع إعطاء وزن أكبر للعقارات الأكثر شبهاً بالعقار الموضوع، للوصول إلى تقدير نهائي ومقنع للقيمة السوقية.

متى يكون أسلوب السوق هو الأنسب؟

  • العقارات السكنية: بجميع أنواعها (فلل، شقق، دوبلكس).
  • الأراضي السكنية الشاغرة.
  • أي نوع من العقارات طالما توفرت بيانات كافية عن مبيعات مشابهة له في السوق.

المزايا والعيوب:

  • المزايا: يعكس بشكل مباشر واقع السوق الحالي، وهو سهل الفهم للملاك والمشترين، ويعتبر الأكثر إقناعاً في المعاملات السكنية.
  • العيوب: يصبح غير فعال في الأسواق غير النشطة التي تفتقر إلى مبيعات مقارنة حديثة، أو للعقارات الفريدة التي لا مثيل لها.

خلاصة: أسلوب السوق هو مرآة الواقع العقاري. إنه يستمد قوته من البيانات الحقيقية للسوق، مما يجعله المعيار الذهبي لتقييم غالبية العقارات التي نتعامل معها يومياً، ويوفر أساساً متيناً للثقة بين جميع أطراف الصفقة العقارية.

فريق أصل في خدمتك